Search This Blog

Tuesday 14 July 2009

عن الأم العمانية التي تنام في دكان تًعِسْ في سوق مطرح!!

في هذا الدكان القديم المليء بالبخور وزجاجات العطر، تنام تلك الأم العمانية وحيدة، غير آبهة بلون الوحدة والغربة، باحثة عن أمل قريب، ولقمة خبز لأبنائها..

أزقة سوق مطرح ليلا/ حيث تنبعث السكينة ويخرج الضوء عند نهاية كل ممر، الضوء الذي سرعان ما ينطفئ عند خروج آخر شخص من السوق
*********************************
وحشية الظروف!!
مرحبا أيها الأصحاب، للوجع حكايات لا تنساها الذاكرة، وللأرصفة تواقيع البشر المأساويين!!ربما تربكك اللحظات الصعبة، وتجعلك كاتبا مملا، لكن الأمر ليس بالمسألة الهينة، أن ترى وحشية الظروف وهي تلعق بلسانها المقزز وجوه البشر، ثم نكتفي نحن بالنظر فقط،، إن أمر التدوين أصبح شيئا مهما أمارسه في لحظاتي اليومية .. وهنا أيها الأصحاب لنا ذاكرة وقصة لتلك إلام العمانية الأصيلة التي تنام في دكان في سوق الظلام " سوق مطرح " بحثة عن سعادةٍ لأبنائها الذي يقبعون في الجنوب العماني، ذلك الجنوب البعيد بمئات الكيلومترات!!

الى سوق الظلام
عندما خرجت في ليلة الأثنين الماضي من شقتي بالوطية، متجها الى سوق مطرح، في مهمة صحفية، لم يكن الامر أكثر من مهمة عمل، ولم يكن هناك ما يشغل تفكيري سوى أنجاز هذه المهمة.. فأن تعمل في الصحافة وتنجز مهامك في أفضل وقت ودون ضغط أو أجبار من أحد فهذا هو قمة السعادة.. خرجت أنا وصديق لي " بعد أن أقنعته بأنها ستكون مهمة سريعة جدا " ولن تأخذ وقتا طويلا.. خرجنا في سيارة أجرة متجهين الى سوق مطرح.. ولكن كما تعلمون سيارات الأجرة لا تذهب الى سوق مطرح مباشرة، لذلك توقفنا عند مبنى O.K CENTER كما يطلق عليه " متعارف عليه لدى العمانيين والآسيويين. ومن ثم ركبنا في سيارة أجرة أخرى ليأخذنا إلى السوق..

مر القطار سريعا!!
وصلنا سوق مطرح، أخذنا نتخطى الأرصفة والشوارع الداخلية التي تقود الى السوق، وفعلا وصلنا إلى البوابة الرئيسية للسوق وكانت الساعة حينها تشير إلى الثامنة وتسعة وثلاثون دقيقة.. قال لي صاحبي: وقت الصلاة، سنذهب لنصلي.. قلت له، سنصلي بعد ان أجري بعض الحوارات السريعة مع بعض العمانيين والآسيويين، فهذا السوق الشعبي يكتظ بالظلام وأخشى أن يغلقوا أبوابهم بسرعة.. سنذهب للصلاة بع أن أنتهي من هذا العمل السريع.. فعلا توجهنا الى داخل السوق، تجولنا وأخذت أبحث عن الكثير من المصادر لإنجز مهمتي، دخلت عشرات المحلات والأزقة " أقول عشرات " ولم يصبني التعب، كنت أستمتع وأنا أتحدث إلى أولئك البشر " الإنسانيين ".. كم كنت أشعر بالقرب منهم وأنا أستمع اليهم.. مضى الوقت سريعا أو " القطار سريعا " كما يقول مارسيل خليفة بصوته العذب في أغنيته " القطار ".. مضى قطار الوقت، وأنساب بينما نحن نتجول غير آبهين بالذين رفضوا الحديث معي في مهمتي تلك، وكان رفضهم جافا كهواء الظهيرة.. ولم آبه أبدا وكنت أقول لصاحبي لا يهمني أبدا.. أنظر فقط كم هم سعداء وأنت تحدثهم " أولئك الذي تحدثوا ألينا "..

الأم الكادحة..
الساعة كانت تشير إلى الحادية عشر والربع، كان صاحبي غاضبا جدا، قال لي لقد تأخرنا عن أداء الصلاة، قلت فعلا، لم أكن أتوقع بأن يمر الوقت هكذا بسرعة، لكننا سنصلي الآن في المسجد القريب من السوق،، في طريق الخروج من السوق، هناك في تلك الزاوية التي لا تضيئها سوى امرأة قد بلغت الخمسون عاما.. هناك فقط وجدت نفسي، وتذكرت بأنني مدون قبل أن أكون صحفيا،، هناك تذكرت بأنها تنتظرني، لكي تتحدث إلى أحدهم، ليشتري بخورا أو لتتحدث عن معاناتها.. هي تلك الأم العمانية الأصيلة التي تسكن في ذلك الدكان الصغير المليء بالبخور، والعطور " الملحية " ملح السنوات، وهي جالسة في زاوية قصية من ذلك الدكان الصغير..هناك كان للباحث عن الحقيقة ذكرى،.. هذه الأم الكبيرة المكافحة، التي قدمت من الجنوب، لتعمل في هذا الدكان وتنام فيه، وتبيع عبر تعب السنين شيء من هذه العطور المسطرة على طاولات خشبية، حتى توفر من أجل أبنائها قوتا يسد رمقهم..

هذه الأم العمانية التي تسكن في هذا الدكان الذي لا يحتوي سوى على ثلاجة وتلفزيون ومكان لا يتسع سوى لجسدها المتعب، وظهرها الذي لا يتوانى أبدا عن الحركة والعمل، هذه المرأة والأم العمانية التي تسكن ذلك الدكان، هي التي تدفعني للاستمرار مجددا في التدوين، إنها لحظات تسككنني وأنا أدون تلك اللحظة التي لم ننساها أنا وصاحبي، وهي تقول " الحمدلله يا بني، اللهم أحفظ سلطاننا"، كم تشعر بالوطنية، وبالفرح، لأن الصبر الذي يسكن روح تلك الأم تشعرك بالأمل والفرح والاستمرارية في الحياة..

نموذج الوطنية..
فلك أيتها الأم العمانية المكافحة ألف حب وتحية،، فأنتي نموذج الوطنية.. خرجنا أنا وصاحبي،، عائدين إلى روي،باحثين عن مسجد نصلي فيه، وجدنها كلها مغلقة، توضأنا في مكز بدر السماء، ووقفنا أمام بوابة جامع السلطان قابوس، لنسجد لله ونؤدي فريضته، عائدين الى الشقة حاملين معاناة وأمل تلك الأم التي ذلك الدكان التعسْ الدكان في سوق الظلام..

الباحث عن الحقيقة/ الوطية
مساء الثلاثاء – 14 يوليو 2009

5 comments:

Anonymous said...

كان على الشخص اللذي توجهت بشكره أن يمنحها وأبنائها فرصة أفضل للحياة..
يمنحها ما تستحقه.

تركي البلوشي said...

ليس بيدنا يا نوف سوى ان نحلم.


فالحلم رغيف البؤساء، والمقطوعين من شجرة الوطن!!



الباحث عن الحقيقة

فيصل الوهيبي said...

رائع كعادتك أخي تركي

مقالتك آلمت عيني ودغدغت بعض نشاعري

فيصل الوهيبي

sara alhooti said...

.
.

امرأة مثل ـها يا تركي
كان يجب أن تُمنح حياة أفضل من هذه بـ كثير ..
كان يجب أن تنام ليل ـاً بلا وجع
أن لا تفكر في كم الريالات التي ستحصل عليها غدا


>
>


الحلم يسحبنا أحيانا إلى كآبة سوداء

علي الأنصاري said...

هذا الباحث عينه لا تنام قبل أن ترى الحقيقة ..
وتغلق بصمت ..



دخّن حقائق أيها الـ تركي