Search This Blog

Saturday 10 March 2012

ضرورات التغيير – إلى أستاذي وزير الإعلام الجديد




صورة ابداعية من أعمال : الدكتور عبدالمنعم الحسني - وزير الإعلام الحالي


مضت أعوام على ذلك التقرير والعرض المرئي الصغير الذي تحدثت فيه خلال أحدى مقررات الصحافة والنشر الالكتروني عن قانون المطبوعات والنشر في السلطنة، كنت قد عرضته أمام بعض الزملاء وأمام وزير الإعلام الحالي – الذي كان محاضرا وأستاذا ساهم مع بقية زملائه الاكاديميين هناك أمثال أساتذتي: سالم الرشيدي – انور الرواس – عبدالله الكندي – حسني نصر – طه نجم – عبيد الشقصي  في تعليمي  أبجديات العمل الصحفي  – لكنني أقصد هنا معالي الدكتور عبدالمنعم الحسني، الذي حمل حقيبته الوزارية قبل أسبوع تقريبا ، تلك الحقيبة المثقلة بالمطالبات والتطلعات الكبيرة في مجال حيوي ومحوري يتمثل في المجال الصحفي خصوصا ( الصحف والمجلات وكافة المطبوعات الصحفية ) والنشر العام ( الكتب وحركة النشر عموما ).

الوزير الجديد
اذن تلك الحقيبة التي استلمها وزير الاعلام الجديد تحمل ذلك الإرث التاريخي المثقل بالإخفاقات والبطء والنمطية و المتمثل في أمرين اساسيين عانت منهما وزارة الإعلام لسنوات: أولا ارث عمل وزارة الإعلام في الخمس والثلاثين  سنة الماضية خصوصا في قطاع الصحافة، وأقصد هنا  القوانين والإجراءات الخاصة بالعمل الصحفي وحركة النشر، فالمعلوم أن  قوانين الطباعة والنشر بدأت فعليا عام 1975 حيث صدرت بمرسوم من السلطان، وثانيا على مستوى الصورة الذهنية التي تشكلت في ذهن المواطن العماني، سواء كان متابعا عاديا، أو متابعا متخصصا، عن عمل وزارة الإعلام الموجه تجاه تقديم الصورة الناصعة عن الحكومة، رغم أنه في الواقع تزحزح جزء كبير من ذلك الإرث بعد استقلال الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، على الأقل كان تزحزحا معنويا مهما بدأت التغيرات المرادفة له تتضح للناس.
اذن مر أكثر من ثلاثة اعوام على تلك المحاضرة التي لم تتجاوز الـ 15 دقيقة تقريبا، تلك المحاضرة التي كان محورها الرئيس هو القوانين المنظمة للعمل الصحفي والنشر على مستوى الصحافة العمانية بكل لغاتها العربية والأجنبية. ورغم إنني للأسف لا أملك تلك الورقة الصغيرة التي ناقشت وطرحت من خلالها رؤيتي لإعادة صياغة قانون المطبوعات والنشر من خلال عناصر عدة، سأتطرق اليها.

قانون المطبوعات والنشر

كان الجزء الأكبر من تلك المناقشات التي تحدثنا من خلالها عن قانون المطبوعات والنشر متمثلا في تلك الأحكام التي تحد من مهام الصحافة والصحفي في القيام بواجباته على أكمل وجه  في السلطنة وقد ناقشنا ذلك معا وفق عدد من الأحكام، مجملها لا يتصل بالـ الأحكام المتعلقة بالمطابع والمطبوعات على وجه العموم والجوانب الإدارية المتصلة بآليات الحصول على الترخيص ولا تتعلق بآليات واجراءات تداول المطبوعات وتوزيعها.
المحظور نشره
لكن أبرز الاشياء التي تناقشنا حولها كانت متمثلة في الخطوط العريضة المتعلقة بالموضوعات المحظور نشرها وقد قدمت ملاحظاتي الأساسية والتي من المؤمل ان يتم مراجعتها في المستقبل، لنعود الى ذلك العصر الذهبي للصحافة العمانية " معنويا " قبل وجود قانون المطبوعات والنشر والذي شهد تعديلات عديدة معظمها لم تخدم الصحافة العمانية بقدر ما كانت تقوم بوضعها في " زاوية أضيق " وأبرز تلك التعديلات المضيقة لحرية الصحافة جاءت عام 1984 وهي سارية الى يومنا هذا وتمثلت في الآتي:

أسئلة
" المادة 27 تقول إنه لا يجوز نشر ما من شأنه الإضرار بالعملة الوطنية أو يؤدي إلى بلبلة الأفكار عن سوق المال بالسلطنة أو الوضع الاقتصادي للبلاد" وهو في مجملها مادة قانونية فيها الكثير من العمومية، وفيها كثير من التوقع لأشياء لا يمكن توقعها، فالمشرع هنا توقع قيام الصحاف بالنيل من العملة الوطنية ولكنه لم يضع " نوع " هذا الإضرار أو طريقته، أو شكله، حيث جاء فقط خاليا من أي تعريف دقيق، ومن ثم جاءت التكملة كالتالي " أو ما يؤدي الى بلبلة الأفكار عن سوق المال بالسلطنة، أو الوضع الأقتصادي" ولنقف عند هذا التعريف قليلا:

قال المشرع هنا: ما يؤدي الى بلبلة الأفكار عن سوق المال، وهي أيضا عبارة فيها الكثير من العمومية وعدم الوضوح، وتفيد أن الصحف يمكن أن تنشر شيئا يثير بلبلة الأفكار! " والسؤال هنا : ما المقصود بـ"  بلبلة الأفكار "؟ هل يقصد  بنشر أكاذيب؟ أم بنشر حقائق؟ لأن الحقائق المتعلقة بالجوانب الإقتصادية في حقيقتها لا تسبب بلبلة في الأفكار فحسب إنما تغير أيضا من الممارسات التي يتخذها أصحاب الأموال خصوصا في مجال سوق الأموال، فهل كان القصد هنا هو أن يقوم القانون بمنع الصحف ومحاسبتها وفقا لهذا البند العام  والسؤال هنا ايضا : هل يقصد المشرع أنه على الصحفي أن لا يقوم بنشر أية معلومات " وإن كانت صحيحة وحقيقية " حول اية أحداث في السوق مما قد يؤدي الى تضييع مصالح؟! وهل يقصد بتلك المصالح العامة أم الخاصة، ان هذا مأخذ واضح على هذه المادة.
حول المفاهيم
وفي المادة 28 جاءت المادة القانونية في جملة " لا يجوز نشر كل ما من شأنه المساس بالأخلاق والآداب العامة والديانات السماوية." : ويكرر المشرع نفس الخطأ العام الذي يعاني منه قانون المطبوعات والنشر مجددا، وهو الخوض في العموميات والأفكار العامة الخالية من أية محددات لفظية أو معنوية، فما المقصود بالآداب العامة؟ هل هي الأخلاق العامة؟، أم الممارسات العامة؟، وما القصود بكل هذه الكلمات الشاسعة في المعنى؟ وهذا في الحقيقة خطأ متكرر في معظم المواد المتعلقة بالقانون الخاص بالمطبوعات والنشر.

في المادة 32 جاءت المادة " لا يجوز نشر أي خبر أو مقال أو صور أو مستند يكون قد صدر فيه أمر من وزير الإعلام بعدم النشر حتى تتم إجازته من نفس المصدر. إن هذا البند يكشف مدى التدخل الواضح الذي من الممكن أن يلعبه وزير الإعلام أو وزارة الإعلام في شؤون الصحف، وفي شؤون ما تنشره، وهذا في الحقيقة كان من أبرز البنود التي شهدت سجالا واضحا في معظم المناقشات التي تحدثت عن قانون المطبوعات والنشر كان أهمها في ندوة " الكلمة بين الحرية وحدود المساءلة " والتي نظمتها جمعية الكتاب والأدباء، وهذا النقاش حقيقة أساس اعتراض على التدخل السافر في شؤون التحرير الصحفية في كل مؤسسة، فليس من المعقول أن يتدخل الوزير في ذلك دون أن تعرف المؤسسة الصحفية نوع تلك الاخبار أو المقال أو الصورة المقصودة في هذا البند، وفي حقيقة الأمر هناك ادلة واضحة تؤكد ان وزراء الإعلام السابقين مارسوا هذا التصرف، وربما آخرها كان في فبراير الماضي حين شهدت السلطنة مظاهرات وتلقت الصحف رسائل بعدم نشر أخبار متعلقة بهذا الصدد وكان هذا التدخل هو تطبيق لهذا البند، حسب ما ذكر لي صحفيون.

التعديل الأخير
وجاء التعديل الأخير والذي صدر نهاية 2011 أيضا والذي قضى بمنع أية أخبار أو معلومات أو وثائق تقع تحت أسم " وثائق سرية " ! وهذا أيضا يعتبر تقنين واضح لنوع الاخبار المنشورة كون أن الاخبار السرية هنا ليس لها تصنيف واضح، هل الوثائق التي قد يصحل عليها الصحفي يجب أن لا تكون مختوم عليها كلمة " سري للغاية " لينشرها؟! ماذا اذا قام بنشر الصحفي بنشر وثائق عادية متداولة لكنها تحمل معلومات غاية في الأهمية هل ذلك ايضا يعتبر " نشر لوثائق سرية "؟! إنه الخيط الوهمي الذي نلاحظه في كل البنود المذكورة سابقا وهو الغموض وعدم وجود اللفظ الاجرائي المحدد لها.

ان كل هذه الملاحظات التي ذكرتها سابقا على بنود ومواد قانون المطبوعات والنشر والتي أتمنى أن تلغى تماما من قانون المطبوعات والنشر هي في الحقيقة أبرز النقاط التي ناقشتها في تلك المحاضرة التي قدمتها أمام استاذي ومعلمي – وزير الإعلام الحالي – وهي ليست سوى مراجعة لأبرز ما كان يعانيه الصحفي العماني والمؤسسة الصحفية بالدرجة الأولى.
إنني آمل ايضا في هذا الجانب أن يتم صياغة قانون جديد ينصف الصحافة ويحمي دورها بدلا أن يسهم في حبس المعلومة والمعرفة ويخفيها  عن المواطن والجماهير، التي تعيش في الحقيقة عصر المعلومات والمعرفة، وتسعى لنيل حق حرية الحصول على المعلومات.
 أن كل هذه المفاهيم والملاحظات التي تحدثت عنها تنضوي تحت أسم " التغيير المعنوي " قبل التغيير الفعلي، لأن التغيير الحقيقي لابد أن ينبع من الصحفي ومن المؤسسة الصحفية في المقام الاول ، وهذه الملاحظات التي اتمنى أن تحدث فعليا هي من أجل عدة أهداف اساسية :
-         تحرير الصحافة العمانية من كل أشكال " التقييد " ليقوم بدوره بشكل أكبر، وهذا الدور بالتأكيد لا يقتصر على القانون وإنما على القائمين على وسائل الإعلام المحلية .
-         اعادة صياغة القانون كليا وفق متطلبات المرحلة وبما يتوافق مع دولة المؤسسات في ظل بدء الخطوات لاستقلال القضاء ودور المجتمع المدني وحقوق الإنسان والتي من بين أبرز نصوصها " حق المعرفة ".
أمنيات عاجلة:
 تحدثت عن مرئيات خاصة ومهمة طرحتها أمام وزير الإعلام الجديد في مرحلة الدراسة عندما كنت طالبا وكان محاضرا، اليوم أتحدث بلغة الصحفي الذي يتحدث للمسؤول، لكن ليس المسؤول العادي وإنما المسؤول الذي ننتظر منه الكثير، مسؤول يمتلك الخبرة المهنية والتجربة الاكاديمية ايضا في مجال الصحافة، وهنا اضع بعض الأمنيات العاجلة والطارئة التي يجب أخذها بعين الاعتبار أهمها:
-         منع سجن الصحفيين أو رؤساء التحرير بسبب أية اخطاء، أو أية موضوعات صحفية تخل بالمهنية أو بالأخلاقيات المتعارف عليها في الصحافة والأكتفاء بالغرامة المالية في حال وجودة تجاوزات مهنية، او اخلاقية أو تعدي على بعض الأشخاص أو المعتقدات أو البنود الحساسة في قانون المطبوعات والنشر.
-         رفض ايقاف الصحف من الصدور والأكتفاء بالغرامة المالية والعقوبة المعنوية أشد من العقوبة الفعلية في وسائل الإعلام.
-         وضع تنظيم قانوني واضح للصحافة الالكترونية تراعي الظروف المهنية والعملية لهذا النوع من الصحافة، لاسيما في وقت يتجه في العالم الى الإنترنت باعتباره مصدرا اساسيا للمعلومات، فالمستقبل قادم والمستقبل هو للمحتوى الالكتروني، لأن متغيرات الحصول على المعلومة تغيرت وأختلفت، فالواضح أن قوانين نشر المحتوى الإلكتروني خصوصا تلك المتعلقة بالنشر تعاني من تشتت واضح، فتنظيمه منقسم  بين قانون تنظيم الاتصالات المعني في الأساس بخدمات الاتصالات بكافة اشكاله، وقانون تقنية المعلومات،وبين القانون الذي سيخضع له المحتوى الالكتروني في حال تعرضه للمحاسبة الا وهو  قانون النشر الخاص بوزارة الإعلام.  ان هذا الانقسام الواضح في القوانين التي تنظم النشر الالكتروني بحاجة الى نظرة مختلفة وواضحة، فالصحافة الالكترونية تحديدا بحاجة الى قانون خاص من اجل للمستقبل، فالواقع يقول أن هناك صحف الكترونية ظهرت ومن بينها " الفلق" وهناك مجلة العامل أيضا ، ومواقع اخبارية الأخرى التابعة للصحف ايضا موجودة منذ سنوات.
ضرورات
-         استاذي معالي وزير الإعلام انت أول المؤمنين بضرورة المعالجة العاجلة لكل هذه الملفات الشائكة التي تحدثت عنها والتي أضعها على طاولتك اليوم ، ونحن لأجل ذلك نعول عليك الكثير، ليس لأجل " ضرورات التغيير " وحسب وإنما  لأجل إنصاف الصحافة العمانية والنشر بكافة أشكاله ( صحف وكتب وما شابهه ) ومن أجل جيل عماني جديد تغيرت مفاهيمه تجاه الحياة والوطن والمعرفة.


Tuesday 14 February 2012

عن اللجنة الوطنية لــ" حقوق الإنسان "




حان الوقت لتبدأ اللجنة التفكير خارج الصندوق الذي وضعت فيه
تم خلال الاجتماع مناقشة العديد من المواضيع من ضمنها تقرير الامانة العامة وخطة التثقيف والتوعية حيث تم عرض ما تم انجازه في خطة التثقيف والتوعية خلال عام 2011م وعرض أهم الانشطة والفعاليات المزمع تنفيذها خلال العام الحالي. هكذا جاء نص الخبر الصحفي الذي نشرته وكالة الانباء العمانية الحكومية، عن إجتماع جديد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان.  يتكرر هذا النص الخبري بشكل يجعلك تحفظه عن ظهر قلب لمعظم اجتماعات الجهات الرسمية، ولا تجد أية تفاصيل أخرى في داخل الخبر الصحفي أو على الأقل معلومة واحدة مهمة، نص انشائي فقط لا أكثر، وكأن هذه الإجتماعات أوجدت لتجعل المواطن العماني يتخيل المعلومات والجلسات والإجتماعات ، يبحث في التفاصيل عن طريق التخيل، وكأن هذه الإجتماعات هي مسابقة وطنية للتخيل، فتخيلوا أيها المواطنون تفاصيل الاجتماعات الرسمية التي لا ينشر عنها في الغالب سوى عبارة مهمة ومحورية هي : مناقشة " العديد من المواضيع "!!


قبل أكثر من عام ونصف تقريبا اتصلت برئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الأستاذ عبدالله الريامي وهو نائب المفتش العام سابقا  وكنت حينها أحاول جمع معلومات حول أبرز القضايا التي تلقتها اللجنة و أبرز البلاغات عن قضايا " حقوق الإنسان " ، ورغم أن رئيس اللجنة كان رافضا الحديث عن أية معلومات تخص اللجنة أو تلك البلاغات، الا إنني كنت مصرا على أن أخرج بأي شيء من عنده حتى وان كان هزيلا لا ينفع للنشر.

لذلك فقد حاولت أن لا تنتهي المكالمة الا وقد أخذت منه ما أريد إن لم يكن تصريحا مهما، فليكن رقما أستند عليه في الخبر الصحفي الذي سأكتبه، حتى لا يكون نصا انشائيا خاليا من أية معلومة. وفعلا في نهاية الأمر اضطر أن يجيب على سؤالين، كان الأول عن عدد البلاغات الفعلية التي وصلتهم من المواطنين، والثاني عن نوع البلاغات التي وصلتهم ونوع القضايا المسجلة بتلك البلاغات، وكانت الإجابة أن اللجنة تلقت بلاغات تجاوزت الـ 20 بلاغا تلك الفترة  معظمها كانت شخصية أبرزها قضايا متعلقة ببلاغات قيام البعض بحفر الآبار دون ترخيص والأخرى بلاغات شكاوى مواطنين عن قضايا شخصية لم يذكر لي تفاصيلها. إجابة لم تلقى في الصحيفة التي كنت أعمل بها سوى عدة أسطر فقط حمل عنوانا رئيسيا كان الرقم هو سيده، ليس لأهميته وإنما فقط كونه معلومة مجردة ورقم !

ورغم ذلك لم أتسرع في أن أطلق حكما عاجلا على  عمل اللجنة في تلك الفترة، فعملها كان لم يبدأ فعليا لأن حسب المعلومات التي وردتني في تلك الفترة ان لائحتهم لم تكن جاهزة، ولذلك فقد انتظرت حتى تخرج تلك اللائحة وتسمح للجنة الوطنية لحقوق الإنسان البدء في العمل الفعلي، ومضت أسابيع وكنت في تلك الفترة أكرر الإتصال بشكل دوري ببعض الإعضاء في مجلس الدولة كونهم كانوا يناقشون اللائحة الخاصة باللجنة لكن دون جدوى. مرت أشهر وأستقلت عن تلك الجريدة ولم أقرأ الى هذه الساعة تلك اللائحة، ربما لإنشغالاتي الكثيرة، وربما فاتني خبر صدروها وفاتتني التفاصيل. لكن ما لم يفتني هو أن نشاط اللجنة لم يظهر بشكله المرجو سوى عندما بدأت مظاهرات عمان وبدأت الإعتصامات في أرجاء السلطنة، وقد ظهر دور اللجنة في اخبار متفرقة لكنه لم يكن بالمستوى المطلوب من مؤسسة تعنى بحقوق الإنسان وهي مؤسسة من المفترض ان يكون دورها متركزا على المجتمع والتواصل معه وإطلاعه على المعلومات بشكل دوري.

ورجوعا لنشاط اللجنة في فترة المظاهرات لاحظت إن معظم تلك الأخبار التي كانت تتحدث بها اللجنة،  هي روتينية ولا تخلوى من المعلومات السابقة والتي تعود المواطن على سماعها، ويمكن أن تقال أو تسمع من أي انسان، لا تفاصيل ولا مستجدات فعلية ملموسة قد تفيد المتابع بشكل يجعله يشعر أن هناك عملا منهجيا واضحا تقوم به اللجنة. اختفت اللجنة مجددا عن الظهور، واصبحنا لا نسمع عن أية لقاءات مباشرة أو أي منتدى عام بين المواطنين واللجنة تطرح فيه الآراء والقضايا بشكل مباشر، ويفهم بذلك المواطن دور اللجنة وتفهم اللجنة  كيف يمكنها أن تتواصل معه – أي المواطن.
لا ألقي اللوم على اللجنة لأنها في الحقيقة لجنة حكومية ومعظم الأعضاء عينتهم الحكومة، ليس هذا فحسب بل أن معظم الأعضاء ينتمون الى مؤسسات حكومية وبعضهم الى قطاع الأعمال في السلطنة، حيث تتشابك وتتضارب المصالح المهنية مع المصالح العملية المتعلقة باللجنة وأقصد بالتضارب هنا ليس في أستغلال المكان بقدر ما هو التضارب في الإتجاهات، فكيف يمكن لمؤسسة معنية بقضايا مدنية وأن تعمل بشكل منهجي ومهني وهي في أساسها ليست مستقلة وهي في الأساس تتحرك ب" دفع حكومي "  .

عندما قررت زيارة الموقع الرسمي للجنة تفاجأت بأنه لا يوجد في الموقع سوى خبرين، واحد لزيارة السفير الهندي لمقر اللجنة والآخر حول مشاركة اقليمية للجنة في أحدى الندوات المتخصصة، لا شيء آخر يذكر في الموقع في خانة الأخبار، لا أرقام ولا تفاصيل تذكر، وكأن قدر المواطن هو أن يقرأ الإختصارات فقط، ولكن الرابط الأهم في ذلك الموقع كله هو ذلك المخصص للسير الذاتية للأعضاء والذي، وجدته ايضا رابطا غريبا، فهو الآخر يخلو من أي تفاصيل تخص الأعضاء في حين تم تخصيص مساحة لرئيس اللجنة وقد وضعت سيرته الذاتية في رابط أسفل الصورة  وتحتها خط أحمر يظهر لك بهذا الشكل عندما تضغط على الرابط http://www.nhrc.om/arb/members.aspx  في حين أكتفى القائمون على الموقع بكتابة اسماء بقية الاعضاء وصورهم دون أن نعرف أي تفاصيل ايضا عن سيرهم الذاتية.
بحجم ما تقرأون هذه التدوينة غير المنظمة وغير مرتبة الأفكار، بحجم ما هي صورتنا الذهنية عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، حيث لا حضور فاعل في المجتمع ولا تفاعل مع الناس ولا لقاءات مع المواطنين وأصحاب الشأن العام ولا عمل منظم وواضح في عصر تغيرت فيه المفاهيم المتصلة بهذا المجال الحيوي الا وهو حقوق الإنسان!
ان اللجنة الوطنية التي جاءت بتأسيس حكومي تحتاج الى أن تراجع نفسها وأن تفكر بشكل منهجي كيف لها أن تعمل بشكل أكثر حضورا وأكثر استقلالية بعيدا عن منهجية العمل الحكومي رغم إنها حكومية بحتة، وان الوقت حان لتفكر خارج الصندوق الذي وضعت فيه بشكل يجعلها فعليا تؤسس لثقافة حقوق الإنسان ومن ثم تتجه الى فكرة الإستقلالية الكاملة كمشروع آخر منفصل في المستقبل.

أخيرا أكتب هذه التدوينة بصورة سريعة ردا على  خبر نشرته وكالة الانباء العمانية مساء أمس الأول على موقعها  في هذا الرابط  http://www.omannews.gov.om/ona/newsMore.jsp  عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، خبر  تكررت مفرداته عدة مرات في أشهر سابقة ولكن التفاصيل لم تتغير وكأن هذه اللجنة ليس دورها سوى أن تجتمع وتلتقي بأعضاءها وأن يقتصر دورها في شيء واحد فقط هو  مناقشة  " العديد من المواضيع " التي لا تذكر تفاصيلها، في زمن حرية انتشار المعلومات  ونهاية زمن الاختصارات!


Saturday 11 February 2012

اسرائيل تبحث عن اليهود في عُمان



صورة منقولة من موقع لمنتدى عماني يقال بأنها لمقبرة اليهود في صحار والله أعلم

يبدو أن اليهود الإسرائيليين يبحثون عن جذورهم وأجدادهم في كل بقعة على الكرة الأرضية ، لا يتعبون في البحث عن أي يهودي موجود في هذا العالم، ربما هذا ليس بشيء جديد، فإسرائيل الكيان والعقيدة تحاول ان تجعل يهود العالم على صلة بها ومنتمين لها مهما كانت انتماءاتهم الوطنية ، لتشعر بأنها ليست وحدها في المواجهة بل أن يهود العالم كلهم في نفس الخط على جبهة اسرائيل وهذا ليس بجديد ايضا.

عندما قررت الدخول في الشبكة الاجتماعية التي تدعى لينكد ان www. Linkedin.com   والمتخصصة في التواصل الاجتماعي مع رجال الأعمال والمهنيين العاملين في مجالات مختلفة، أول ما تجده مع بداية ادخالك لبياناتك هو ظهور اشخاص تقترح عليك الشبكة مصادقتهم كونهم يعملون في نفس المجال الذي انت تمتهنه وهذه الخدمة تسهل على العاملين في قطاعات معينة سهولة التواصل مع الآخرين الذين يعملون في نفس مجالاتهم من مختلف دول العالم، لكن شاءت الصدفة ان أوائل الناس الذين تقترحهم علي لينكد أن هو صحفي اسرائيلي يعمل لصالح جريدة اسرائيلية يومية جديدة. وحينها لم تكن الصحيفة قد أكملت الاسابيع الأولى من صدورها.

لم تمض أيام على مشاركتي في احدى المجموعات المتخصصة في مجال الصحف ووسائل الإعلام حتى وجدت رسالة خاصة على شبكة " لينكد أن " من الصحفي الأسرائيلي زيفيكا كيلين وهو صحفي عمل في عدد من المنظمات غير الربحية المتخصصة في شؤون وقضايا اليهود حول العالم، رسالة قصيرة يقول فيها : هل لديك الرغبة لتكون مراسلا في الخليج لأحد الصحف الاسرئيلية ؟. لكنني لم أرد على زيفيكا كيلين ودخلت باحثا عن معلومات اضافية عبر صفحته الخاصة وعن المؤسسة التي يعمل بها.

انهالت علي المعلومات عن هذا الصحفي الذي يعمل حسب ملفه في مجال العلاقات العامة والإعلام ويعمل لصالح بعض المؤسسات  والمنظمات والشركات غير الربحية، كما إنه متخصص في مجال   تحرير المجلات والصحف باللغتين الانجليزية والعبرية، كما إنه وحسب شهادته في سيرته الذاتية قال أنه على صلة  بالمئات من قادة اليهود في جميع أنحاء العالم، كما إنه لديه وحسب تعبيره ايضا  فهم عميق ليهود الشتاتواتصالات مع عشرات من الصحفيين والمراسلين في إسرائيل وحول العالم.

ليس هذا فحسب بل إنه ايضا عمل لمدة في المنظمة الصهيونية العالمية وهي منظمة غير ربحية وتهدف الى توثيق العلاقات مع الجاليات اليهودية في جميع انحاء العالم، من خلال تنظيم الفعاليات وتدريب وتوظيف الشباب الصهيوني، بل أن تجربته امتدت الى انه كان ناطقا لأحدى الوحدات بالجيش الاسرائيلي ورئيسا ومؤسسا لمكتب الاتصالات الدينية ايضا، أذن تاريخ مهني طويل لهذا الاسرائيلي الصهيوني كما تقول سيرته الذاتية يكرس عمله ومهنته في خدمة الصهيونية الاسرائيلية.

عندما ارسلت له بعض الاسئلة عن الهدف الذي من أجله بعث رسالة لصحفي عماني وهي دولة لا تعرف اسرائيل عنها الكثير، كونها بعيدة جغرافيا عن منطقة الصراع الى حد ما، فاجأني برابط الكتروني من الموسوعة الحرة ويكيبديا يتحدث  فيها عن اليهود في سلطنة عمان وتاريخهم في ولاية صحار، ورغم ان تاريخ اليهود وقبورهم التي كنا قدر درسنا عنها في كتب التاريخ في الثانوية العامة معروفة لدى العمانيين الا أن الصدمة كيف لهذا الاسرائيلي ان يجمع كل تلك المعلومات عن سلطنة عمان وعن تاريخ اولئك اليهود الذين قطنوا في صحار.

لقد أرسل لي هذا الصحفي تصورا كاملا عن الصحيفة التي انطلقت حديثا وأصبح هو رئيس للأخبار الدولية فيها، وهي صحيفة اسرائيلية تستهدف جمع الاخبار والتقارير والتحقيقات والبيانات عن اليهود في شتى أنحاء العالم وهو ما يطلق عليهم " يهود الشتات " حسب عقيدتهم، وتحاول هذه الصحيفة من خلال البحث عن مراسلين لها في شتى أنحاء العالم أن تساند قضايا اليهود في العالم، ولذلك فإن بالنسبة لهذا الصحفي الصهيوني الشاب -  الذي تجذرت فيه عقيدة خدمة الصهيونية – ان أي مصدر جديد أو أية أخبار عن وجود يهود في أي دولة شرق اوسطية سيكون بالنسبة لهم ايضا مكسبا معنويا.

ان مجرد تواصلك الالكتروني مع صحفي يبادر بالسؤال عن اليهود في دولتك يشعرك بالرهبة كيف لكيان صغير ان يبحث عن كل من ينتمي للديانة اليهودية ويجعلك ايضا تفهم كيف يفكر هذا الكيان بكل وسائله وقدراته ان يخدم عقيدته الدينية من أجل كيانه، فبالنسبة لهم أن  أي خطوة يخدم يهودي واحد في أي بقعة في العالم هو واجب ديني عقائدي.

انني اليوم أكتب عن هذه التجربة التي تجعلنا نفهم ولو جزئيا ما يفكر فيه هذا الكيان، ووجدت ايضا ان تكون هذه التجربة متاحة للجميع، حتى للــ " 14 زائر " الذين يظهر امامهم علم اسرائيل في الجانب الايمن من المدونة.

وأخيرا ليس بغريب ان تعمل اسرائيل وتعد العدة المادية والمعرفية والمعنوية من أجل البحث عن يهودي واحد في أي دولة من دول العالم، حتى وان كانت تلك الدولة تسمى سلطنة عمان التي لا يوجد بها سوى رفات بضع يهود سكنوا صحار منذ الآف السنين.




Wednesday 8 February 2012

في ذكرى بوش العماني


حوار بين دونالد بوش و السلطان قابوس  قبل أكثر من25 عام

قبل أكثر من ثلاثة أعوام وقع بين يدي كتاب متخصص، كتاب توثيقي مصور يحمل عنوان " المستشفيات الأمريكية في عمان " كما أذكر، كتاب رغم إنه غريب ومتخصص جدا الا أنه كان مثيرا للإهتمام خصوصا وإنه كان يحتوي على الصور القديمة التي يظهر فيها العمانيون قبل أكثر من خمسين عاما يتلقون العلاج في وقت كان فيه الفقر والجهل والتخلف هو سيد المكان والزمان في دولة كان لها تاريخ كبير وحافل.
لكن ما فآجأني اليوم وفي صباح يوم الأربعاء ما نشرته الصحف العمانية عن وفاة مؤلف ذلك الكتاب الذي لا أتذكر منه سوى الصور الأبيض والأسود، تلك الصور البيضاء فقط التي ألهمت الكثيرين من الأوروبيين والأجانب لخدمة العمانيين في الطب، المفآجأة هو أن يكون ذلك الكتاب لـ " دون بوش الذي مات صباح الأمس من تاريخ هذه التدوينة، تاركا وراء الذكريات والحب والرحمة والتقدير لأجدادنا الذين خدمهم وجلس الى جانبهم ومنحهم من وقته ومن صحته ومن تضحياته الكثير.

هي ليست مفآجأة اذن، انها صدفة قدرية ان أقرأ اليوم خبر وفاة هذا الشخص الذي أمسكت بكتابه قبل سنوات، حيث ترك بالأمس الدنيا والعائلة الصغيرة في سلطنة عمان وفي قرية " حرامل  " حيث ذلك البيت الذي منحته الحكومة العمانية تقديرا لإخلاصه لعمله ولوقوفه الى جانب الإنسان العماني في فترة حياته المهنية الى مماته، هذا العماني " دون بوش " الطبيب الذي حصل على الجنسية ولم يرفضها لأنه وجد في العمانيين أهله، ووطنه وسكينته، فقد أختار عمان ارضه الأبدية التي أختار أن يموت عليها، فهذا الطبيب امريكي الأصل صيني المولد عماني الجنسية انساني الخصال ترك أهله وأقاربه وأصدقائه في أمريكا وباقي انحاء العالم حبا في بلد بعيدة تقع في الجهة الأخرى من العالم تدعى سلطنة عمان.
دون بوش أو دونالد بوش كما  كان يعرف،  عمل في عمان وخدم البسطاء من أهلها في وقت كان فيه امراض مثل : " الكوليرا، الحصبة ، والملاريا " تحصد أرواح العمانيين بالمئات. وحسب ما يقول أحد الزملاء المقربين منه انه كان خلال فترة عمله احيانا يعاين أكثر من 200 مريض يوميا دون توقف. فأي رحمة وأي صبر يملأ قلبك ايها الطبيب الإنساني وانت الذي مت مصارعا للمرض، صبرت وتعبت من أجل الكثيرين في عمان اولئك الاجداد الذيم لم نرهم، أولئك الأجداد الذي انجبوا ابناء عمان الحاليين الذي بنوا البلاد وقادوا السلطنة واحفادهم الذي يكملون المسير.
لا تستوعبك الكلمات الآن، فنم ايها الإنسان وأغمض عينيك بعيدا عن تعب الدنيا وعن آهات المرض، فأصدقاؤك الذين أحبوك وعرفوك يقيمون الصلوات من أجلك في الكنيسة البروتستانية بغلا في محافظة مسقط  وجواقات الترتيل تقرأ الدعوات الأخيرة لروحك في بيتك في قرية حرامل العمانية .
رحمك الله ايها الإنسان الذي قادني اليك كتاب.

Saturday 28 January 2012

عمان تتقدم في حرية الصحافة بخطوات التراجع!







قبل أيام اصدرت منظمة مراسلون بلا حدود تقريرها السنوي الخاص بعام 2011 - 2010 واحتلت سلطنة عمان المرتبة 119 على مستوى العالم، رقم متأخر جدا عن دول افريقية فقيرة منها الكاميرون وبنين وغانا وتنزانيا وهي من الدول الافريقية محدودة المصادر الاقتصادية، وتعاني من التضييق على الحريات، ولكن رغم كل تلك الظروف البائسة في هذه الدول التي يعتقد الكثيرون بأنها دول ديكتاتورية وسلطوية وشمولية الا أنها استطاعت ان تحتل  مراتب متقدمة في تقرير " حرية الصحافة " ولأن النمو الإقتصادي مرهون بالتطور في مجال حريات التعبير والصحافة الا ان هذه الدول اثبتت العكس، فحرية التعبير جاء عكس بعض الدول التي ينمو اقتصادها بشكل كبير مثل البرازيل والصين.

ورجوعا الى موضوع  تراجع السلطنة في مجال حرية الصحافة رغم انها تقدمت اربع خطوات الى الأمام في التصنيف العالمي، الا أن هذا التقدم سببه الحقيقي غياب الدور الحقيقي للإعلام واستمرار نهجه في الالتزام " بخطوات  الظل " والتغاضي عن الكثير من القضايا المتعلقة بنقد الاداء العام للسلطة، وفي ظل غياب هذا الدور النقدي العام يغيب رصد االمضايقات من الحكومة، الامر الذي يجعل من السلطنة تتقدم بخطوات التراجع، فالمتعارف عليه ان الدول تصنف نسبة حرياتها الاعلامية وفقا لقضايا محاكمة الصحفيين وسجنهم ومنعهم من النشر ومنعهم من ممارسة المهنة ومراقبتهم، لكن نتيجة لغياب الدور الفاعل للصحافة في عمان نجد ان " الأمور " تتقدم الى الخلف لأن كل شيء وفق هذا التصنيف بخير وعلى ما يرام فلا توجد محاكمات " باستثناء قضية الزمن " ولا توجد مراقبة للصحفيين الذي اجبرتهم المؤسسات الإعلامية على المضي في هذا الطريق المدجن!

ان هذا التقدم الذي تعيشه الصحافة العمانية الى " الوراء " يكمن في عدم وجود ذلك الجدال الحقيقي بين السلطة وبين المؤسسات الصحفية التي يكمن دورها نشر المعلومة والنقد وتوجيه الرأي العام لمكامن الفساد في السلطة، وهذا فعليا يحدث في سلطنة عمان انه التقدم بخطوات التراجع في مهنة تعتبر في الكثير من الدول السلطة الرابعة التي تقود الامم الى الأمام، فألى الأمام ايتها الصحافة العمانية بخطوات التصفيق والتخاذل وكسب " المال " وهنيئا لنا نحن التراجع المصبوغ بلون التقدم حيث لا سجن ولا مسائلة ولا استجوب للمصفقين امثالنا!.