Search This Blog

Saturday 24 September 2011

التاريخ لا تغيره الأسماء بل الحقائق

الزمن لا يتوقف والتاريخ لا يتوقف والحقيقة تنطلق إلى الأفق ليراها كل الناس اياً كانت مكانتهم وألوان كراسيهم ، تعلو الحقيقة دائما مهما كان الضباب يملأ المكان. هكذا يمكنني أن أقول في قضية " جريدة الزمن " حينما أصدر القاضي بالأمس حكما بإيقاف صدور الجريدة لمدة شهر كامل، ومن ثم سجن زملاء المهنة لمدة خمسة أشهر. حكم رغم أنه لن ينفذ بهذه السهولة إلا إنه ضرب الصحافة العمانية في المفصل، وعلّق أحلام الحرية على طريق ليست له وجهة، وجعل من الصحفي ذلك الشخص الذي قد نختلف معه مهنيا إلى مذنب يتلقى سياط العقوبة لأنه قال " لا " في وجه من قالوا " نعم ". إذن حكمت المحكمة على الصحيفة التي وقفت كثير الى جانب الصوت الذي لا يسمع ، وعلى الموظف الذي تحدث عن سنين الظلم في وزارة العدل، وعن الزملاء الصحفيين الذين كانوا يبحثون عن الحقيقة، وليس سواها وأن اختلفنا معهم في الطريقة والنهج. بالأمس أختصرت المسافات الزمنية وأصبحت " الزمن " مجرد كلمة واحدة نطقت هكذا وبصوت عال: " إيقاف ".

لقد شهدت الساحة العمانية في الفترة الماضية اهتماما واسعا بقضية صحيفة الزمن، ليس لانها متعلقة بوزير العدل، وإنما لأنها قضية عامة تمس أبسط الحقوق الإنسانية للمواطن مهما كانت رتبته ومكانته الإجتماعية، فقد أصبحت القضية حديث الشارع لأنها تحمل مفارقات غريبة منها ان يتم فتح سجل قضية بإتصال هاتفي، وإن يحال الصحفي الى المحاكمة قبل التأكد من صحة المعلومات الواردة في قضية محاكمة الصحيفة، مفارقات تحمل كثير من الإحباط في حق الصحافة.
ولأن الصحافة ليست لأحد وليست ملك لجهة او فئة إنما هي ملك للمجتمع فقد شعر الكثيرون بالأمس بالكثير من الإحباط الدهشة أن يصدر هذا الحكم وإن كان أوليا بحق صحيفة يومية تجرأت أن تتحدث عن معاناة المواطن و أحوال الوطن مهما كان لون السياسة التحريرية التي اتبعتها في ذلك. لقد تجرأت الزمن في وقت صمتت فيه الكثير من الصحف اليومية التي تعتبر قديمة قدم نشأة الحكومة عن مناقشة أبسط قضايا المواطن ، وصمت فيه رؤساء التحرير واكتفوا بالمتابعة عبر الورق والشاشات عن جلسات المحاكمة التي قال عنها القاضي " إنها ليست مسرحية " ، ولم يتجرأ أحد رؤساء التحرير أن يكتب عن القضية من باب الوقوف المهني إلى جانب زميل المهنة، وليس ذلك بغريب فقد تعود الكثيرون أن يصمتوا وأن ينتظروا الهبات وان يتغاضوا عن كل شيء، نعم لقد اتقنوا هذه الأسطوانة الغريبة وقد كانت لنا معهم تجربة.

وكان من المثير للشفقة أيضا أن يتم محاسبة الصحفيين في وقت تتجه فيه معظم شعوب المنطقة إلى مزيد من الحرية ومزيدا من الإنطلاق نحو مشارف " السماء " بحثا عن الخلاص. لقد كان صباح الأربعاء بالأمس غريبا على كل صحفي غيور على مهنته وعلى وطنه وعلى أصدقاء مهنته ، فمهما أخطأت الزمن " وهذا افتراض " فإن ذلك لا يعني أن نصمت ونغض الطرف، بل على الجميع ان يقول ويتحدث ويقول كلمته تجاه محاكمة صحيفة لم يكن خطأها سوى إنها نقلت قصة " موظف عماني من أبناء هذا الوطن الممتد في عروقنا " قال بأنه تعرض للظلم من وزارة العدل.
إّذن حكمت المحكمة بالأمس، لكن الحكم لن يمر علينا بهذه السهولة، لأن جميع المنتمين الى هذه الصحافة والى هذا المجتمع لن يصمت حيال أن تتعرض احد وسائل التعبير العام الى الإيقاف ولو ليوم واحد فقط، لأن الزمان له مساره، وهذا المسار لا تغيره " الأسماء " بل تغيره الحقائق ، نعم " الحقائق وحدها " هي التي تصنع الزمن والتاريخ وليست الكراسي والأماكن والألقاب، وسنحلم كما تعودنا أن تبقى الصحافة العمانية حرة مستقلة.

تركي بن علي البلوشي
Turki.balushi@gmail.com
صحفي اقتصادي

Wednesday 21 September 2011

بدون شروط



لك الله يا صحافة لك الله يا وطن





















بمناسبة النطق بحكم اغلاق جريدة الزمن لمدة شهر

Tuesday 6 September 2011

وفي بلادي كان الرقم أجمل

احتفت الصحف المحلية بتقرير الشفافية الدولية الذي أصدرته منظمة الشفافية العالمية " تقرير الفساد لعام 2011، لكنها لم تكن تعلم - اي الصحف - ان الإحصائيات جاءت لتكشف حجم المصائب التي تمر بها الدول العربية، والطوفان الكبير الذي يقتلع ثروات ومنجزات واخلاقيات الشعوب من جذورها، واقصد بالأخلاقيات هنا " الجانب الإداري منه ". كيف أن الفساد والرشاوي والسرقات وسوء الإدارة تطحن الدول وتحولها طحينا في بطون الأنظمة والمسؤولين. فكان الفساد في العراق مثل عدد نخيل بلاد الرافدين التي تعيش تحت وطأة العذاب منذ سنوات، وفي الصومال مثل الموت وهو يتخطف الصوماليين في الشوارع والبيوت والعراء وفي السودان كالسيف حين يقطع أوصال الأوطان كما قطع ذلك الفساد السودان الى نصفين " جنوب وشمال ".

ولم تكون كلا من اليمن وسوريا وليبيا ومصر وتونس أفضل حالا ممن أتى قبلهن فقد كانت للثورة أسبابها وكان الفساد الأعظم أول الأسباب وأكبر المبررات لتخرج الملايين لتطهير البلاد. نعم لقد كان التقرير الذي صدر بعد الثورات خير دليل على أن الثورات جاءت بعد استنشقت رائحة الفساد في البلاد وأرادت ان تطهر الوطن منه ومن سمومه الذي شرد وعذب الملايين.

وفي بلادي كان الرقم أجمل على مستوى بقية الدول فكانت من بين أفضل ثلاث دول أقل فسادا ولكنها لن تكون بالطبع الملاك الذي لا يخطئ. ففي السلطنة يتسرب الفساد من تحت الطاولات والأيادي كما يتسرب الغاز الرخيص الى الخارج كالسراب !. أذن صفقت الصحافة بكل اوراقها لتمجد هذا الخبر بأن السلطنة هي ثالث أقل دولة عربية فسادا، ولكنها لم تتساءل أن تلك النسبة التي حصلت عليها هي نسبة بسيطة في دولة حديثة وفتية كعمان. فماذا يعني أن نحصل على 5.3% من اجمالي 10% من نسبة الشفافية، هذا يعني أن نصف الشفافية غائبة، اليست تلك مصيبة؟ ام أن الأهم هو ان نحصل على مركز متقدم وان كان ذلك على حساب فساد الدول ؟! ان هذه النسبة التي حصلت عليها السلطنة ونشرتها الصحف هي نسبة تسيء للسلطنة والنظام الإداري فيها وهي اساءة لعقلية المواطن الذي يكرس الإعلام العماني في ذهنه الأرقام والإحصائيات التي تخلو فيها التحليل الحقيقي للمعلومة الدقيقة. ان هذا الرقم الذي تعتقد السلطنة و " الاعلام الرسمي " انه انجاز يعد خيبة من الخيبات التي ستنفر الإستثمار الإقتصادي الخارجي من البلاد في حال استمر الوضع على هذا الحال.

Tuesday 5 July 2011

الصحافة المحلية تقف إلى جانب من؟

كل له رأيه وله إعتقاداته ومنطقه مبادئه والتزاماته، هكذا تكون طبيعة الأشياء عادة لدى البشر، ولكن في الصحف العمانية يكون الأمر مختلفا، فلا احد يعرف هم يقفون إلى جانب من؟ وفي صف من؟.






إن مبادئ الصحافة تقوم على الحيادية والموضوعية في مجمل أساسيات المهنة، ولكن هناك عناصر من الممكن أن تنتهجها المؤسسة لتبين وجهة نظر الصحيفة ، والعاملين فيها، وذلك من خلال رأي الصحيفة في إفتتاحيتها اليومية، لكن في السلطنة يختلف الامر، فتجد إن وجهة نظر الصحيفة يركز غالبا على القضايا الدولية، حيث تهاجم الصحف المحلية إسرائيل بشكل يومي على القمع والإحتلال والقتل، وتهاجم بعض السياسات الأمريكية من فترة لأخرى في العراق وافغانستان، وتتنقد العمليات الإرهابية في الصومال والعراق.






في حين تجد الصحف المحلية بعيدة إلى حد كبير عن القضايا المحلية الا ما ندر، ولو جاءت إفتتاحيات الصحف لتناول الوضع المحلي فإنه سيكون غارقا في الخطاب الرسمي، بعيدا عن النقد والنقاش الفعلي، حيث يتم معالجة الموضوع بشكل سطحي بدون تقديم المشكلة بحذافيرها، حيث يتم عادة الإحتفاء بالإنجازات الرسمية، وتبتعد لغة النقد والمناقشة والمصارحة والمكاشفة الأمر الذي يجعل إفتتاحيات الصحف خير معبر عن وجهات نظر الصحف ومنهجها في تناول الأحداث المحلية وطريقة عرض وجهات النظر الأحادية دون تفعيل دورها في ممارسة الرقابة والمكاشفة مع الجهات في البلاد مهما كان هذا الطرف مؤسسة حكومية أو جهة خاصة.






إن الطريقة التي تتعامل بها الصحف في مناقشة القضايا المحلية أثناء كتابة الإفتتاحيات ونوع الموضوعات التي تناقشها هي خير واجهة لمعرفة الإستراتيجية التي تمضي بها تلك الصحيفة والمنهج الذي تنتهجه، ونوع الموقف الذي تسجله ولصالح أي من الجهات.






المتابع لإفتتاحيات الصحف سيتضح له الطريقة التي تنظر اليها الصحافة المحلية لهموم المواطن وقضاياه ومتطلبات الوطن وأداء الحكومة ومشاكلها وتطوراتها.إن إفتتاحيات الصحف المحلية المزخرفة بفنون الجمل الرسمية المزخرفة والفارغة من المضمون النقدي يوضح إلى حد كبير الإتجاه الذي تسير فيه الصحف المحلية في البلاد بإستثناء بعض الصحف التي نكن لها كل التقدير كونها شجاعة حيت تعبر عن وجهة نظرها تجاه قضايا مختلفة خصوصا تلك المتعلقة بنقد الاداء العام والخاص للمسؤول والمسؤول عنه بين فترة وأخرى.

Monday 4 July 2011

الفروق بين لصوص الوطن

لا يختلف اللغويون على معنى كلمة سارق، أو لص، كما لا يختلفون على فعل السرقة أيضا، فكل من أخذ شيئا بدون وجه حق هو لص وسارق. لكن الفروق تظهر جليا في البلاد، عندما يتعلق الأمر بين اللص الصغير واللص الكبير، بين سارقي الكابلات وعجلات السيارات والأحذية الرياضية في البحرية والجيش وبين الذي يدّخرون ممتلكات الوزارة والهيئة والمؤسسة الحكومية لهم ولحياتهم مع بعد " الحقيبة الوزارية ". كم من الكابلات سرق وكم من الأشجار المزروعة على نواصي الشوراع قلعت من جذورها.


عندما ترى مشهد اللصوصية في البلاد ستجد إن هناك أنواعا مختلفة من العقوبات التي تطالهم منهم من يقضي أيامه في السجن ويشهر به في الصحف اليومية، ومنهم من يغرم ويعاقب بالفضيحة بين أبناء البلد، لكن كل هذه العقوبات لا تطال سوى الموظف العادي أو المواطن البسيط الذي يعلك أسمه في الصحف اليومية اذا ما سرق كابلا كهربائيا أو عجلة سيارة.


ولكن عندما يأتي الأمر ويتعلق بمسؤول في وزارة أو هيئة حكومية تجد أن السرقة لاتعتبر جريمة، إنما أمر طبيعي، إنه في نظرهم تصرف في أموال الوزارة التي تتبع الوزير الفلاني أو في مخصصات المديرية التي يديرها المدير العام، كم من القصص والحقائق التي تسرد حول مسؤولين كبار يصرفون أموال الوزارات للسفر والعطايا والمكآفآت والمصروفات التي لا يمكن تصنيفها تحت أي بند عملي واضح، إنها لصوصية مختلفة ومتميزة ومجيدة وتقليدية وشعبية ومباركة وغريبة كل الغرابة.


أن يسرق المواطن فذلك إثم كبير وفاحشة وطنية عظمى لابد ان يفضح صاحبها في الصحف والمجلات والمواقع والمنتديات وفي مجلس الشورى ويجب أن يخصص لفعلته دراسات علمية ومجلدات من الأبحاث والمقالات العلمية الموثقة توثيقا علميا منهجيا بمواصفات عالمية متفق عليها ومأخوذ بها في أرقى الجامعات العالمية، وأن يصرف على دراسة هذه الجريمة أموال طائلة لإستقصاء حالة المواطن النفسية والحيوية والكيميائية لمعرفة السبب الذي جعله يخون الامانة ويسرق هذا الكابل الذي يربط الكهرباء بين القرى بل يجب أن يتم تخصيص خطبة موحدة لكل المساجد في عمان حول هذا العمل الآثم حتى يتعلم المواطن كيف إن سرقة شيء عام هو جريمة كبرى.


لكن عندما يتعلق الامر بمسؤول يكون وزيرا لوزارة خدمية، ما ان تزور بيته فتجد نصف مصروفات وأجهزة وممتلكات الوزارة في مزرعته فذلك عمل غير إجرامي وغير مثير للشبهات ولا يحتاج لا لمقال صحفي لاذع أو لبرنامج إذاعي ناقد، بل يحتاج الى تكريم للوزير أو المسؤول بمكآفأة نهاية خدمة ومكرمات وهبات وهدايا وشهادة شكر وتقدير وخبر صحفي في الصفحة الأولى على إنه أنهى معاملة واحدة خدمية في شهر.


إنها تصنيفات عنصريية غير عادلة أن يتم معاقبة المواطن كونه سرق كابلا كهربائيا وأن لا يسأل مسؤول سرق ممتلكات ومصروفات وزارة ومخصصات مشاريع طوال سنوات، إنها نظرة غريبة ان يتم التفريق بين أبناء الوطن الواحد في السرقات بهذه الطريقة المثيرة للشفقة والسخرية.


إن الحكومة بحاجة الى أن تغير هذا النهج المثير للإشمئزاز في معاملة السارق أو المذنب في كل المعاملات الجزائية والجنائية والشخصية والفردية والعامة، عليها أن تغير من هذا التفريق غير المسؤول في معاقبة المذنب مهما ثقلت أو خفت حقيبته.

Sunday 3 July 2011

العمانيون يتجاوزون الإختلاف

لم يعش العمانيون إختلافات كبيرة منذ سنوات، ربما كان الكل متفقا إن الحكومة في العشر سنوات الاخيرة كانت مترهلة ومتكسلة وشبه نائمة بسبب الغياب الكبير للحكومة في الإهتمام بقضايا الشعب وهمومه وتطلعات شبابه في مجالات مختلفة اقتصادية واجتماعية وسياسية. وربما يعود عدم وجود إختلافات كبيرة واضحة بين العمانيين على مستوى الواقع الذي عاشته الدولة بسبب الركود العام الذي عاشته البلاد، فرغم الأداء الضعيف للحكومة على المستوى الشعبي إلا أن ذلك لم يشعل صوتاشعبيا عاما للوقوف أمام سوء أداء السلطة في السنوات الماضية، رغم وجود أصوات معدودة كانت تكتب وتهاجم وتفضح الممارسات، لكن ذلك لم يكن إمتحانا كبيرا يمكنه أن يكشف نسب الإختلاف بين العمانيين.




لكن مظاهرات عٌمان الممتدة من الشمال إلى الجنوب خلقت حالة واضحة من الإختلاف الكبير: إختلاف في طريق المطالبة بالحقوق والأساسيات وأبسط المتطلبات، فالكثيرون خرجوا لمظاهرات حاشدة في الشوارع رافعين لافتات، وكثيرون اعتصموا أمام بعض المواقع الحكومية تكريسا لبعض الدلالات الحقوقية/ مثل الإعتصام الذي استمر أمام مجلس الشورى كونها مؤسسة برلمانية ذات دلالة مهمة، ومنهم من أعتصم في الطرق والدوارات مطالبين بنفس الحقوق والمطالبات الشرعية والمنطقية لكن في كل تلك المشاهد أختلفت الطريقة.




كانت المظاهرات والإعتصامان اختبارا عمانيا فريدا يكشف كيف يجب أن نختلف مع بعضنا البعض وكيف من الممكن أن نفهم الإختلافات في الفكرة وفي الفعل، فالعمانيون اختلفوا في منصات الإعتصامات في طريقة كشف الفساد منهم من جاء بالأوراق والأدلة ومنهم من جاء بالشتائم والكلام دون دليل، ومنهم من هاجم المثقفين ومنهم من تبنى مواقفهم وبياناتهم المتوالية. كلها اختلافات متعددة، إختلافات جعلت أمام العماني الخيار ليختلف مع من يشاء ويتفق مع من يشاء، وكان ذلك الإختلاف فرصة للتوافق والتحاور في مشاهد كثيرة في الإعتصامات، وكثيرا ما كنا نشاهد أن فريقا من الناس طرد من مكان الإعتصام الفلاني، وإن فريقا آخر أستبعد من الحديث في مكان المظاهرة الفلانية، ولكن بقي أن الدرس الكبير الذي لن ينساه العمانيون إنهم أختلفوا وتجاوزوا الإختلاف في مرحلة لا تقبل سوى تقبل الإختلاف والإيمان بالحوار والتفاهم من أجل بناء الوطن الكبير.

Saturday 2 July 2011

الصحافة العمانية غير قابلة للتوقع

ما يميز الإعلام العماني إن مساره وحركته غير قابلان للتوقع، لا يمكن لقارئ عادي أو خبير إعلام أو مسؤول أو صحفي يمتهن العمل أن يتوقع مسار التغطيات والمتابعة للأحداث الإستثنائية وغير الإستثنائية في الإعلام العماني، وأخص بالذكر الصحف. لا يمكن أن تتوقع مستقبل واضح للعمل الصحفي والتعامل مع الأحداث، كل ما يمكن توقعه هو الأخبار المتشابهة والتغطيات الرسمية خصوصا للمؤتمرات والندوات التي تنفذها الحكومة والقطاع الخاص من فترة لأخرى.

إن عدم قدرة الكثيرين على توقع المسار الذي تتجه اليه االصحافة العمانية سببه عدم وجود منهج مهني واضح للصحف، فالكل يعمل في كل شيء، كل الصحف تملك ملزمات اقتصادية وسياسية ورياضية، وتملك أعمدة رأي، ومجلات شهرية ملحقة بالصحف، لكن لا أحد الى الآن يملك رؤية واضحة ورأي واضح في التعامل مع الأحداث والتغطيات وصناعة الخبر وتقديم المعلومة. في الغالب يمكن أن يتوقع القارئ ما سيتم نشره في الصحافة اليومية من خلال قراءة الأخبار في وكالة الانباء العمانية أول الصباح من خلال رابط الأخبار المتوقعة، ومن ثم قراءة أخيرة في الساعة الخامسة والنصف أو السابعة مساء ليتأكد مما سيتم نشره في الصفحات الاولى في كل الصحف في اليوم التالي إبتداء من التهاني والتبريكات إنتهاء بحالة الطقس، بإعتبارها أخبار " سيادية " كما يفضلون أن يطلقوا عليها.


ما يوضح أن الصحافة العمانية - تحديدا - تسير بلا منهج واضح للعمل هو تشابه طريقة معالجة الاخبار وأستثني الزمن في بعض الحالات التي تأتي رغم قلة الإمكانات بالمختلف في " الفكرة " و " الجرأة " في كثير من القصص الأخبارية رغم أن بعض الاكاديميين يأخذون عليها مسألة : " إنها تتبنى الرأي في الخبر أحيانا " ولكن الوضع في مجمله يوضح إن الخط الذي تمشي عليه الصحافة هو خط واحد، ونسبة التغيير فيه غير واضحة المعالم الى الآن.

لا يمكن لصحيفة محلية أن تقول إنها تعتمد في المؤسسة الصحفية على style book موّحد - كما يطلق عليها في العرف الصحفي العالمي- في جميع أقسام التحرير وسياسة تحريرية ثابتة في أسبوع واحد على أقل تقدير، ، كل الصحف تعمل في كل شيء وكلها تعمل وفق أجندة حكومية وتجارية عشوائية لم يفرضها عليهم أحد سوى الرغبة في كسب المسؤولين والوزارات والشركات الكبرى ضاربين بالقارئ في عرض الهامش!


Wednesday 29 June 2011

النخبة التي تغيرت

مضت عدة أشهر منذ خروج الشباب في مناطق مختلفة من السلطنة في مظاهرات التجديد والإصلاح والترقيع من أجل تعديل الأوضاع التي وصلت الى حد صعب جدابسبب استمرار الحكومة القديمة في عدم السماع لصوت الشباب في تلك الفترة. لكن شاءت الإرادة أن يتغير الوضع الى الأفضل وحسب ما أرده له الشعب العماني.




تغيرت الوجوه القديمة في الحكومة وتغيرت الأفعال وتغيرت القرارت. أشياء كثيرة تغيرت ومن بينها منهج من كانوا يجلسون - قائمة المثقفين والمنورين - حسب ماصنفتهم أياه الصحف والمنابر - ليس كلهم طبعا -. ولعل أبرز ما تغير في أولئك إنهم تركوا كتابة الأدب والشعر والقصة والنقد، وأتجهوا ينشرون كلاما يصل الى لغة الحوار العادي جدا والذي لم يكونوا يؤمنون به من قبل. تغيرت لغتهم وأصبحت لغة مباشرة ولغة بعيدة عن تلك التي عاشوها سنوات في الصحف والمواقع الالكترونية والمنتديات لغة تقول إنهم هم العارفين بكل شيء والعالمين بما لا يعرفه الشعب، هم الذي يعرفون الشعراء والأدباء والفلاسفة والمفكرين والعلماء، اما بقية الشعب فهم يعرفون الشارع والمزارع والقرى. الآن تغيروا لأن الشباب آمنوا أيضا بأن هؤلاء يكتبون ما لم يكن يحرك ساكنا، كانوا يكتبون عن الشعر المكسيكي والأفريقي والفلاسفة البوذيين ولم يفكروا يوما ان يكتبوا عن معاناة الشباب.




إنهم تغيروا الآن وأصبحوا يتحدثون بلغة سهلة جدا، لأن موقفهم أصبح صعبا، ولأنهم يبحثون عن دور جديد يجعلهم هم المنورين والمغيرين والمحركين للتاريخ الجديد في عمان بعد إن كانوا مشغولين بأفكار كبيرة جدا لا تغير سوى المساحات البيضاء في الصحف. تغيروا لأنهم وجدوا انفسهم كانوا يكتبون ما يغطي الملاحق المتخصصة والبرامج التي تضج بالكلمات غير المفهومة، بحيث لم يفكروا قبل الإحتجاجات أن يكتبوا عن شيء يحرك ضمير الحكومة.




لقد تغيرت القواعد واللعبة بأكملها تغيرت، فالشباب العادي البسيط الذي لا يحفظ الشعر الحر والقصص القصيرة الشباب الذي كان يتحرك من سيارة أجرة الى أخرى باحثا عن وظيفة، الشباب الذي وقف في وجه الشلطة هو الذي أستطاع أن يغير لغة النخبة فجعلته يتحدث عن همومه وقضاياه في مجتمع سأم الشعارات الكبيرة التي لا تملأ سوى الأوراق.




لكن عليهم - من يعتقدون إنهم يحملون صفات النخبة - أن يتعلموا الدرس وأن لا يبالغوا في حماستهم في الدفاع عن قضايا الشباب الذي صمتوا عن قضاياه عقودا وأن لا يتجاوزوا عقول الشباب العماني حتى يصل - النخبة المعدلة - الى درجة السوقية التي يترفع عنها شباب شباب عمان ورجال التغيير.




Tuesday 28 June 2011

قلم رصاص

توقفت المدونة عن النشر فترة تتجاوز أشهر، وربما كانت آخر تدوينة لي في هذه المساحة المجانية قبل ثلاثة أشهر تقريبا، لكنني وعدت نفسي بالإستمرار بالكتابة، في ظل غيابي عن العمل في الصحافة اليومية، فالوقت لا يحتمل الكثير من الكسل، هناك الكثير من الأحداث التي جرت في عمان مؤخرا وكانت تستحق النشر والتوثيق عبر التدوين، لكن الإنشغالات تجعل المرء يؤجل كل مشاريع التدوين الى أوقات أخرى.

وعدت اليوم بإعادة ترتيبها وفق رؤية مختلفة لوقت مختلف أيضا، وقت تتشابك فيه كل الأشياء، لقد تراجع نشاط التدوين عبر الصفحات المجانية خصوصا بلوجر، ولكن هناك تدوين آخر ظهر عبر تويتر والفيسبوك، تدوين لحظي متزايد ومتجدد، وهذا أكثر الأسباب التي جعلت الناس تتجه الى الفيسبوك وتويتر ولينكد إن وغيرها من وسائل الإعلام الجديد. لكن يبقى إن قيمة المدونة أشبه بقيمة الموقع الالكتروني أكثر خصوصية وأكثر عالمية طالما إنه لا داعي لإضافة أناس لا تعرفهم ليقرؤا ما تكتب.

يبقى إن التدوين هو مساحة عالمية لنشر الرأي والفكرة ومناقشتها والكتابة من اجل الفكرة دائما يجعلك تختار المساحات التي تجعلك اكثر شعورا بالحرية واكثر إنطلاقا للحقيقة.


تركي البلوشي

Sunday 13 March 2011

عمان قالت وفعلت


عُمان اليوم أكثر جمالا وتفاؤلا وأقل أخطاء لغوية. إنها عُمان الجديدة التي تتجاوز الكسور الوزنية في الحكومة وتدفن تراث الفساد. إنها عمان التي قالت اليوم إنها منحازة للإنسان و السلطان قابوس منحاز منذ زمن بعيد للمواطن العماني،. لقد أسمعنا الإعلام الوطني الذي ضل يلعب دورا كبير في تهميش كل ما يخص المواطن أسطوانة قديمة تدعى " التنمية ". لكن عمان وحدها قالت اليوم ما هي التنمية الحقيقية.

كما قالت عائشة السيفية " أوصدت على ألسنة الفتنة كل باب "، عمان تحدثت وقالت إن السلطان أمر أن يتم تعديل في النظام الأساسي للدولة يخص صلاحيات مجلس عمان بشقية - الدولة والشورى، إنه تحرك كبير آخر يؤكد إن السلطان مع الشعب دائما ومع عمان ومع المستقبل. من المؤكد إن إشراك لجنة فنية تصيغ مشروع تعديل النظام الأساسي هو أمر تاريخي، عمان تحدثت وقالت سجل أيها التاريخ: " عمان فعلت ".

حان الوقت لأن نراجع المسار، لنعلم كيف تمضي عُمان وفق ما أصدره السلطان، فمنح سلطات تشريعية ورقابية لمجلسي الشورى والدولة - امر جلل – كما تقول الجُمل العربية الجاهزة، تاريخ جديد يسجله رغبة الشباب مع السلطان في الإصلاح وفي التغيير.

بالأمس زحزح السلطان علامات استفهام كبيرة كانت تدير الحكومة، واليوم "زلزلت الأرض زلزالها" وأصبح الأمر فعلا يراه الجميع، إنها نهضة الشباب، ونهض قائد الشباب بكل المقاييس اللغوية والعروضية والتاريخية إنها " نهضة عنوانها عمان قالت وفعلت ".
‏13‏/03‏/2011