Search This Blog

Tuesday 14 February 2012

عن اللجنة الوطنية لــ" حقوق الإنسان "




حان الوقت لتبدأ اللجنة التفكير خارج الصندوق الذي وضعت فيه
تم خلال الاجتماع مناقشة العديد من المواضيع من ضمنها تقرير الامانة العامة وخطة التثقيف والتوعية حيث تم عرض ما تم انجازه في خطة التثقيف والتوعية خلال عام 2011م وعرض أهم الانشطة والفعاليات المزمع تنفيذها خلال العام الحالي. هكذا جاء نص الخبر الصحفي الذي نشرته وكالة الانباء العمانية الحكومية، عن إجتماع جديد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان.  يتكرر هذا النص الخبري بشكل يجعلك تحفظه عن ظهر قلب لمعظم اجتماعات الجهات الرسمية، ولا تجد أية تفاصيل أخرى في داخل الخبر الصحفي أو على الأقل معلومة واحدة مهمة، نص انشائي فقط لا أكثر، وكأن هذه الإجتماعات أوجدت لتجعل المواطن العماني يتخيل المعلومات والجلسات والإجتماعات ، يبحث في التفاصيل عن طريق التخيل، وكأن هذه الإجتماعات هي مسابقة وطنية للتخيل، فتخيلوا أيها المواطنون تفاصيل الاجتماعات الرسمية التي لا ينشر عنها في الغالب سوى عبارة مهمة ومحورية هي : مناقشة " العديد من المواضيع "!!


قبل أكثر من عام ونصف تقريبا اتصلت برئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الأستاذ عبدالله الريامي وهو نائب المفتش العام سابقا  وكنت حينها أحاول جمع معلومات حول أبرز القضايا التي تلقتها اللجنة و أبرز البلاغات عن قضايا " حقوق الإنسان " ، ورغم أن رئيس اللجنة كان رافضا الحديث عن أية معلومات تخص اللجنة أو تلك البلاغات، الا إنني كنت مصرا على أن أخرج بأي شيء من عنده حتى وان كان هزيلا لا ينفع للنشر.

لذلك فقد حاولت أن لا تنتهي المكالمة الا وقد أخذت منه ما أريد إن لم يكن تصريحا مهما، فليكن رقما أستند عليه في الخبر الصحفي الذي سأكتبه، حتى لا يكون نصا انشائيا خاليا من أية معلومة. وفعلا في نهاية الأمر اضطر أن يجيب على سؤالين، كان الأول عن عدد البلاغات الفعلية التي وصلتهم من المواطنين، والثاني عن نوع البلاغات التي وصلتهم ونوع القضايا المسجلة بتلك البلاغات، وكانت الإجابة أن اللجنة تلقت بلاغات تجاوزت الـ 20 بلاغا تلك الفترة  معظمها كانت شخصية أبرزها قضايا متعلقة ببلاغات قيام البعض بحفر الآبار دون ترخيص والأخرى بلاغات شكاوى مواطنين عن قضايا شخصية لم يذكر لي تفاصيلها. إجابة لم تلقى في الصحيفة التي كنت أعمل بها سوى عدة أسطر فقط حمل عنوانا رئيسيا كان الرقم هو سيده، ليس لأهميته وإنما فقط كونه معلومة مجردة ورقم !

ورغم ذلك لم أتسرع في أن أطلق حكما عاجلا على  عمل اللجنة في تلك الفترة، فعملها كان لم يبدأ فعليا لأن حسب المعلومات التي وردتني في تلك الفترة ان لائحتهم لم تكن جاهزة، ولذلك فقد انتظرت حتى تخرج تلك اللائحة وتسمح للجنة الوطنية لحقوق الإنسان البدء في العمل الفعلي، ومضت أسابيع وكنت في تلك الفترة أكرر الإتصال بشكل دوري ببعض الإعضاء في مجلس الدولة كونهم كانوا يناقشون اللائحة الخاصة باللجنة لكن دون جدوى. مرت أشهر وأستقلت عن تلك الجريدة ولم أقرأ الى هذه الساعة تلك اللائحة، ربما لإنشغالاتي الكثيرة، وربما فاتني خبر صدروها وفاتتني التفاصيل. لكن ما لم يفتني هو أن نشاط اللجنة لم يظهر بشكله المرجو سوى عندما بدأت مظاهرات عمان وبدأت الإعتصامات في أرجاء السلطنة، وقد ظهر دور اللجنة في اخبار متفرقة لكنه لم يكن بالمستوى المطلوب من مؤسسة تعنى بحقوق الإنسان وهي مؤسسة من المفترض ان يكون دورها متركزا على المجتمع والتواصل معه وإطلاعه على المعلومات بشكل دوري.

ورجوعا لنشاط اللجنة في فترة المظاهرات لاحظت إن معظم تلك الأخبار التي كانت تتحدث بها اللجنة،  هي روتينية ولا تخلوى من المعلومات السابقة والتي تعود المواطن على سماعها، ويمكن أن تقال أو تسمع من أي انسان، لا تفاصيل ولا مستجدات فعلية ملموسة قد تفيد المتابع بشكل يجعله يشعر أن هناك عملا منهجيا واضحا تقوم به اللجنة. اختفت اللجنة مجددا عن الظهور، واصبحنا لا نسمع عن أية لقاءات مباشرة أو أي منتدى عام بين المواطنين واللجنة تطرح فيه الآراء والقضايا بشكل مباشر، ويفهم بذلك المواطن دور اللجنة وتفهم اللجنة  كيف يمكنها أن تتواصل معه – أي المواطن.
لا ألقي اللوم على اللجنة لأنها في الحقيقة لجنة حكومية ومعظم الأعضاء عينتهم الحكومة، ليس هذا فحسب بل أن معظم الأعضاء ينتمون الى مؤسسات حكومية وبعضهم الى قطاع الأعمال في السلطنة، حيث تتشابك وتتضارب المصالح المهنية مع المصالح العملية المتعلقة باللجنة وأقصد بالتضارب هنا ليس في أستغلال المكان بقدر ما هو التضارب في الإتجاهات، فكيف يمكن لمؤسسة معنية بقضايا مدنية وأن تعمل بشكل منهجي ومهني وهي في أساسها ليست مستقلة وهي في الأساس تتحرك ب" دفع حكومي "  .

عندما قررت زيارة الموقع الرسمي للجنة تفاجأت بأنه لا يوجد في الموقع سوى خبرين، واحد لزيارة السفير الهندي لمقر اللجنة والآخر حول مشاركة اقليمية للجنة في أحدى الندوات المتخصصة، لا شيء آخر يذكر في الموقع في خانة الأخبار، لا أرقام ولا تفاصيل تذكر، وكأن قدر المواطن هو أن يقرأ الإختصارات فقط، ولكن الرابط الأهم في ذلك الموقع كله هو ذلك المخصص للسير الذاتية للأعضاء والذي، وجدته ايضا رابطا غريبا، فهو الآخر يخلو من أي تفاصيل تخص الأعضاء في حين تم تخصيص مساحة لرئيس اللجنة وقد وضعت سيرته الذاتية في رابط أسفل الصورة  وتحتها خط أحمر يظهر لك بهذا الشكل عندما تضغط على الرابط http://www.nhrc.om/arb/members.aspx  في حين أكتفى القائمون على الموقع بكتابة اسماء بقية الاعضاء وصورهم دون أن نعرف أي تفاصيل ايضا عن سيرهم الذاتية.
بحجم ما تقرأون هذه التدوينة غير المنظمة وغير مرتبة الأفكار، بحجم ما هي صورتنا الذهنية عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، حيث لا حضور فاعل في المجتمع ولا تفاعل مع الناس ولا لقاءات مع المواطنين وأصحاب الشأن العام ولا عمل منظم وواضح في عصر تغيرت فيه المفاهيم المتصلة بهذا المجال الحيوي الا وهو حقوق الإنسان!
ان اللجنة الوطنية التي جاءت بتأسيس حكومي تحتاج الى أن تراجع نفسها وأن تفكر بشكل منهجي كيف لها أن تعمل بشكل أكثر حضورا وأكثر استقلالية بعيدا عن منهجية العمل الحكومي رغم إنها حكومية بحتة، وان الوقت حان لتفكر خارج الصندوق الذي وضعت فيه بشكل يجعلها فعليا تؤسس لثقافة حقوق الإنسان ومن ثم تتجه الى فكرة الإستقلالية الكاملة كمشروع آخر منفصل في المستقبل.

أخيرا أكتب هذه التدوينة بصورة سريعة ردا على  خبر نشرته وكالة الانباء العمانية مساء أمس الأول على موقعها  في هذا الرابط  http://www.omannews.gov.om/ona/newsMore.jsp  عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، خبر  تكررت مفرداته عدة مرات في أشهر سابقة ولكن التفاصيل لم تتغير وكأن هذه اللجنة ليس دورها سوى أن تجتمع وتلتقي بأعضاءها وأن يقتصر دورها في شيء واحد فقط هو  مناقشة  " العديد من المواضيع " التي لا تذكر تفاصيلها، في زمن حرية انتشار المعلومات  ونهاية زمن الاختصارات!


1 comment:

Hosni said...

تحياتي تركي.. موضوع جميل
يجب ان تدعو لتوقف الصحف العمانية عن نشر الاخبار التى لا تقول شيئا.. مثل اخبار الاجتماعات التى ناقشت الموضوعات المعروضة عليها.. لو توقفت الصحف عن نشر هذه الاخبار ستضطر هذه الجهات الى اخبارنا عن ماذا ناقشوا ولماذا؟؟