Search This Blog

Saturday 24 September 2011

التاريخ لا تغيره الأسماء بل الحقائق

الزمن لا يتوقف والتاريخ لا يتوقف والحقيقة تنطلق إلى الأفق ليراها كل الناس اياً كانت مكانتهم وألوان كراسيهم ، تعلو الحقيقة دائما مهما كان الضباب يملأ المكان. هكذا يمكنني أن أقول في قضية " جريدة الزمن " حينما أصدر القاضي بالأمس حكما بإيقاف صدور الجريدة لمدة شهر كامل، ومن ثم سجن زملاء المهنة لمدة خمسة أشهر. حكم رغم أنه لن ينفذ بهذه السهولة إلا إنه ضرب الصحافة العمانية في المفصل، وعلّق أحلام الحرية على طريق ليست له وجهة، وجعل من الصحفي ذلك الشخص الذي قد نختلف معه مهنيا إلى مذنب يتلقى سياط العقوبة لأنه قال " لا " في وجه من قالوا " نعم ". إذن حكمت المحكمة على الصحيفة التي وقفت كثير الى جانب الصوت الذي لا يسمع ، وعلى الموظف الذي تحدث عن سنين الظلم في وزارة العدل، وعن الزملاء الصحفيين الذين كانوا يبحثون عن الحقيقة، وليس سواها وأن اختلفنا معهم في الطريقة والنهج. بالأمس أختصرت المسافات الزمنية وأصبحت " الزمن " مجرد كلمة واحدة نطقت هكذا وبصوت عال: " إيقاف ".

لقد شهدت الساحة العمانية في الفترة الماضية اهتماما واسعا بقضية صحيفة الزمن، ليس لانها متعلقة بوزير العدل، وإنما لأنها قضية عامة تمس أبسط الحقوق الإنسانية للمواطن مهما كانت رتبته ومكانته الإجتماعية، فقد أصبحت القضية حديث الشارع لأنها تحمل مفارقات غريبة منها ان يتم فتح سجل قضية بإتصال هاتفي، وإن يحال الصحفي الى المحاكمة قبل التأكد من صحة المعلومات الواردة في قضية محاكمة الصحيفة، مفارقات تحمل كثير من الإحباط في حق الصحافة.
ولأن الصحافة ليست لأحد وليست ملك لجهة او فئة إنما هي ملك للمجتمع فقد شعر الكثيرون بالأمس بالكثير من الإحباط الدهشة أن يصدر هذا الحكم وإن كان أوليا بحق صحيفة يومية تجرأت أن تتحدث عن معاناة المواطن و أحوال الوطن مهما كان لون السياسة التحريرية التي اتبعتها في ذلك. لقد تجرأت الزمن في وقت صمتت فيه الكثير من الصحف اليومية التي تعتبر قديمة قدم نشأة الحكومة عن مناقشة أبسط قضايا المواطن ، وصمت فيه رؤساء التحرير واكتفوا بالمتابعة عبر الورق والشاشات عن جلسات المحاكمة التي قال عنها القاضي " إنها ليست مسرحية " ، ولم يتجرأ أحد رؤساء التحرير أن يكتب عن القضية من باب الوقوف المهني إلى جانب زميل المهنة، وليس ذلك بغريب فقد تعود الكثيرون أن يصمتوا وأن ينتظروا الهبات وان يتغاضوا عن كل شيء، نعم لقد اتقنوا هذه الأسطوانة الغريبة وقد كانت لنا معهم تجربة.

وكان من المثير للشفقة أيضا أن يتم محاسبة الصحفيين في وقت تتجه فيه معظم شعوب المنطقة إلى مزيد من الحرية ومزيدا من الإنطلاق نحو مشارف " السماء " بحثا عن الخلاص. لقد كان صباح الأربعاء بالأمس غريبا على كل صحفي غيور على مهنته وعلى وطنه وعلى أصدقاء مهنته ، فمهما أخطأت الزمن " وهذا افتراض " فإن ذلك لا يعني أن نصمت ونغض الطرف، بل على الجميع ان يقول ويتحدث ويقول كلمته تجاه محاكمة صحيفة لم يكن خطأها سوى إنها نقلت قصة " موظف عماني من أبناء هذا الوطن الممتد في عروقنا " قال بأنه تعرض للظلم من وزارة العدل.
إّذن حكمت المحكمة بالأمس، لكن الحكم لن يمر علينا بهذه السهولة، لأن جميع المنتمين الى هذه الصحافة والى هذا المجتمع لن يصمت حيال أن تتعرض احد وسائل التعبير العام الى الإيقاف ولو ليوم واحد فقط، لأن الزمان له مساره، وهذا المسار لا تغيره " الأسماء " بل تغيره الحقائق ، نعم " الحقائق وحدها " هي التي تصنع الزمن والتاريخ وليست الكراسي والأماكن والألقاب، وسنحلم كما تعودنا أن تبقى الصحافة العمانية حرة مستقلة.

تركي بن علي البلوشي
Turki.balushi@gmail.com
صحفي اقتصادي

Wednesday 21 September 2011

بدون شروط



لك الله يا صحافة لك الله يا وطن





















بمناسبة النطق بحكم اغلاق جريدة الزمن لمدة شهر

Tuesday 6 September 2011

وفي بلادي كان الرقم أجمل

احتفت الصحف المحلية بتقرير الشفافية الدولية الذي أصدرته منظمة الشفافية العالمية " تقرير الفساد لعام 2011، لكنها لم تكن تعلم - اي الصحف - ان الإحصائيات جاءت لتكشف حجم المصائب التي تمر بها الدول العربية، والطوفان الكبير الذي يقتلع ثروات ومنجزات واخلاقيات الشعوب من جذورها، واقصد بالأخلاقيات هنا " الجانب الإداري منه ". كيف أن الفساد والرشاوي والسرقات وسوء الإدارة تطحن الدول وتحولها طحينا في بطون الأنظمة والمسؤولين. فكان الفساد في العراق مثل عدد نخيل بلاد الرافدين التي تعيش تحت وطأة العذاب منذ سنوات، وفي الصومال مثل الموت وهو يتخطف الصوماليين في الشوارع والبيوت والعراء وفي السودان كالسيف حين يقطع أوصال الأوطان كما قطع ذلك الفساد السودان الى نصفين " جنوب وشمال ".

ولم تكون كلا من اليمن وسوريا وليبيا ومصر وتونس أفضل حالا ممن أتى قبلهن فقد كانت للثورة أسبابها وكان الفساد الأعظم أول الأسباب وأكبر المبررات لتخرج الملايين لتطهير البلاد. نعم لقد كان التقرير الذي صدر بعد الثورات خير دليل على أن الثورات جاءت بعد استنشقت رائحة الفساد في البلاد وأرادت ان تطهر الوطن منه ومن سمومه الذي شرد وعذب الملايين.

وفي بلادي كان الرقم أجمل على مستوى بقية الدول فكانت من بين أفضل ثلاث دول أقل فسادا ولكنها لن تكون بالطبع الملاك الذي لا يخطئ. ففي السلطنة يتسرب الفساد من تحت الطاولات والأيادي كما يتسرب الغاز الرخيص الى الخارج كالسراب !. أذن صفقت الصحافة بكل اوراقها لتمجد هذا الخبر بأن السلطنة هي ثالث أقل دولة عربية فسادا، ولكنها لم تتساءل أن تلك النسبة التي حصلت عليها هي نسبة بسيطة في دولة حديثة وفتية كعمان. فماذا يعني أن نحصل على 5.3% من اجمالي 10% من نسبة الشفافية، هذا يعني أن نصف الشفافية غائبة، اليست تلك مصيبة؟ ام أن الأهم هو ان نحصل على مركز متقدم وان كان ذلك على حساب فساد الدول ؟! ان هذه النسبة التي حصلت عليها السلطنة ونشرتها الصحف هي نسبة تسيء للسلطنة والنظام الإداري فيها وهي اساءة لعقلية المواطن الذي يكرس الإعلام العماني في ذهنه الأرقام والإحصائيات التي تخلو فيها التحليل الحقيقي للمعلومة الدقيقة. ان هذا الرقم الذي تعتقد السلطنة و " الاعلام الرسمي " انه انجاز يعد خيبة من الخيبات التي ستنفر الإستثمار الإقتصادي الخارجي من البلاد في حال استمر الوضع على هذا الحال.